[center]يعتبر التقييم التربوي أحد المكونات الأساسية والمرتكزات الهامة التي يقوم عليها النظام التربوي والتكويني، كما يعتبر وسيلة للكشف عن القدرات المعرفية والجسمية للتلاميذ، وذلك بإصدار أحكام قيمية على نتائج القياس التربوي، أي مدى كفاية الدرجات التي تمثل تحصيل التلميذ أو ما يمتلكه من مقدرة معرفية وجسمية. 1- وتتجلى وظيفة التقييم التربوي في مايلي؟
- تزويد القائمين على الشأن التربوي والتكويني بمعلومات حول البرامج والمناهج والوسائل والأدوات المستعملة.
-تزويد المفتش التربوي بمعلومات حول مستوى التحصيل عند التلاميذ وواقع حجرة الدرس والأساليب المعتمدة والطرائق المنتهجة.
- تزويد المدرّس بمعلومات حول الوضعية التعليمية لتلاميذته ومعرفة مقدار الرصيد المعرفي والمهاري لتوظيفه في تطوير العملية التربوية.
- معرفة المدرّس لميولات التلاميذ واستعداداتهم الشخصية وتوجهاتهم لاعتمادها في عملية التوجيه التربوي.
- مساعدة المدرّس التلاميذ على اتخاذ القرارات المناسبة بخصوص التوجيه التربوي.
-تزويد التلاميذ بمعلومات حول وضعيتهم التعلمية، ومعرفة مدى تقدم أو تراجع تحصيلهم الدراسي.
- تكوين التلميذ صورة لمكانته بين رفاقه حتى يحاول تقوية، معرفة أو استدراك نقص.
- تشخيص مواطن القوة والضعف عند التلاميذ، لاتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.
2- وتنهض عملية التقييم التربوي على المبادئ التالية:
- أن تتسم بالصلاحية وتغطي جميع المستويات العليا للنشاط العقلي وكذا الجوانب المهارية والوجدانية والحس-حركية والاجتماعية.
- أن تعتبر وسيلة لتطوير العملية التربوية والتكوينية وذلك بتشخيص وضعية التعلم عند التلاميذ.
- انتهاج أسلوب هادف للتنقيط يسهم في الكشف عن قدرات التلميذ الحقيقية من أجل معرفة واقع وضعه التعلمي.
- جعل التلميذ يولي اهتماما لجميع المواد لتمكينه من تكوين متكامل في جميع المجالات.
- أن تكون مستمرة ومواكبة للعملية التعليمية- التعلمية في كل مراحلها.
- أن تكون شاملة لكل الوحدات الدراسية المنجزة وكل مجالات الاهتمام.
- أن تكون متناسقة مع الكفايات والأهداف التربوية المحققة حسب كل وحدة دراسية وخلال فترة زمنية محددة.
- أن تمكن مجالس الأقسام والتوجيه من اتخاذ قرارات موضوعية في حق التلاميذ بخصوص الانتقال والتوجيه.
- أن تمكن التلاميذ من التقدم في تحصيلهم الدراسي وتنمية قُدُراتهم المعرفية والجسمية والكشف عن الصعوبات التي تعترضهم خلال مسارهم الدراسي.
3. دراسة الأسئلة الاختبارية: ومن أجل الوقوف ميدانيا على بعض الاختلالات التي تطال المواضيع الاختبارية والتي تؤدي بالتلاميذ إلى متاهات في سراديب أجوبة غير منتظرة، كما تؤدي بعملية التقييم التربوي إلى عدم الإيفاء بالأغراض المنتظرة، ومن أجل وضع رابط بين النظري والتطبيقي -كذلك- في هذا المجال الحيوي بمنظومة التربية والتكوين.
قمنا بتحليل الأسئلة المقترحة، في إحدى المواد الأساسية بمستوى السنة الثالثة ثانوي إعدادي، حيث كان الموضوع الاختباري يغطي ثلاثة مجالات وهي: الفهم والتطبيق والتعبير، وتمت صياغة ثلاثة أسئلة في مجال الفهم وثمانية في التطبيق وسؤال واحد في التعبير؛ وكانت النتائج على الشكل التالي:
- فشل في الجواب على السؤال الأول من مجال الفهم % 77 من التلاميذ الممتحنين؛.
- فشل في الجواب على السؤال الثاني من مجال الفهم % 82 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الثالث من مجال الفهم % 15 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الأول من مجال التطبيق % 50 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الثاني من مجال التطبيق % 62 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الثالث من مجال التطبيق % 90 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الرابع من مجال التطبيق % 75 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الخامس من مجال التطبيق % 82 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال السادس من مجال التطبيق % 95 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال السابع من مجال التطبيق، جميع التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال الثامن من مجال التطبيق % 70 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على السؤال المطروح في التعبير % 60 من التلاميذ الممتحنين.
- فشل في الجواب على مختلف أسئلة الموضوع الاختباري المطروح % 77 من التلاميذ الممتحنين.
. ملاحظات: - فشل عدد كبير من التلاميذ في الجواب على الأسئلة التالية أرقامها: - في الفهم: 1 و2؛ o في التطبيق: 3 و4 و5 و6 و7 و8؛ - فشل عدد كبير من التلاميذ في الجواب على الموضوع ككل؛ .
استنتاجات وتفسير الاختلالات: - السؤالان رقم1 و2 من الجزء المتعلق بالفهم: إن السؤال رقم 1، لم يكن في متناول أكثر من ثلثي التلاميذ، في حين كان يجب أن يتوفق الجميع في الإجابة عليه، كونه مدخل الاختبار، ويجب أن يكون محفّزا للتلاميذ ومشجّعا لهم على الانطلاقة والاستمرار في الإنجاز، لزرع الثقة في نفوسهم وتقوية عزائمهم، وإعطائهم شحنة للتعامل مع كل الموضوع.
ومما يمكن أن يكون قد أثّر سلبا أكثر على نفسية التلاميذ السؤال رقم 2 الذي فشل في الإجابة عليه عدد أكبر بكثير من أولئك الذي فشلوا في الإجابة على السؤال الأول، حيث يظهر جليا أثر هذا على معنويات التلاميذ.
السؤالان رقم 3 و6 من الجزء المتعلق بالتطبيق: لقد فشل عدد كبير من التلاميذ في الإجابة على هذين السؤالين، نظرا لعدة أسباب سنعرضها في الفقرة الموالية.
- السؤال رقم 7: فشل في الجواب على هذا السؤال جميع التلاميذ، الشيء الذي يدعو إلى رفع أكثر من تساؤل: هل كان هذا السؤال صعبا جدا من حيث المطلوب؟ أم كان يهدف إلى قياس كفاية أو أكثر لم تتحقق لدى التلاميذ؟ أم كان يهدف إلى قياس كفاية أو أكثر لم يتم التطرق إليها خلال التدريس؟
- الأسئلة ذات الأرقام 1 و2 من الجزء المتعلق بالتطبيق: وُفّق في الإجابة عليهما ما يفوق بقليل نصف التلاميذ، وهما سؤالان يترجمان، إلى حد ما، مستوى التحصيل الدراسي عند التلاميذ، وتتوفر فيهما مواصفات وخصائص الأسئلة الاختبارية، من حيث الصياغة والشمولية والأجرأة…
- السؤال رقم 3 كان في متناول أغلب التلاميذ، وهو الذي كان يجب أن يكون مدخل الامتحان؛ o ونتيجة للاختلالات التي شابت الأسئلة 1 و2 في الفهم و3 و4 و5 و6 و7 و8 و في التطبيق، لم يُوَفّق أغلب التلاميذ في الموضوع الاختباري ككل.
خلاصة: لقد وُفّق إلى حد ما، % 23 من مجموع التلاميذ في إنجاز -بشكل ما- مختلف الأسئلة المقترحة، الشيء الذي يدفع إلى طرح التساؤلات التالية؟
- هل توصل الموضوع الاختباري المعني بالدراسة إلى قياس كفاية ما لدى التلاميذ؟
- ما هي القرارات التي يسمح هذا الموضوع للمدرس باتخاذها إزاء مستوى التحصيل عند التلاميذ؟
- ما هي القرارات التي يسمح هذا الموضوع للتلميذ باتخاذها إزاء مستواه المعرفي وقدراته الفكرية وتوجهاته؟
4. دور المدرّس: يعتبر التقييم التربوي إحدى المهام الأساسية المنوطة بالمدرس بعد عملية التدريس. وحتى تفي هذه العملية بالأغراض المنتظرة منها، فإنه يجب إيلاؤها اهتماما كبيرا من طرف المدرّس، بالتمكن من أساليب وتقنيات وضع الأسئلة الاختبارية، وذلك من حيث الجوانب النظرية والتطبيقية:
1. الجوانب النظرية:
- الاطلاع على المذكرات والنصوص المنظمة لمختلف العمليات والإجراءات سواء قبل الاختبار أو خلاله أو بعده.
- ا عتماد الكتب والمراجع المتخصصة في مجال التقييم التربوي، والتمكن من محتوياتها، والتمرن عليها، وطرحها للمناقشة في مختلف الاجتماعات التربوية المنعقدة تحت إشراف المفتش التربوي.
2. الجوانب التطبيقية: تمر عملية التقييم التربوي، بالضرورة، عبر المراحل التالية:
- تحديد الكفايات التي تم تحقيقها داخل القسم والمراد قياسها.
- تحديد الأهداف المراد تحقيقها سواء ما يتعلق منها بالتلاميذ، أو ما يتعلق بالبرامج والمناهج أو ما يتعلق بالوسائل والأدوات وغير ذلك….
- تحديد نوع التقييم التربوي المناسب والذي يفي بالأغراض والأهداف المحددة أعلاه.
- تحديد المجالات المستهدفة.
- إعداد لائحة الكفايات المراد قياسها لدى التلاميذ.
- إعداد جدول التحصيص بأبعاده ومكوناته وفق منهجية مضبوطة.
- تحديد عدد الأسئلة الإجمالي والخاص بكل مجال وكل كفاية انطلاقا من جدول التخصيص.
- وضع لائحة الأجوبة المحتملة.
- وضع العلامات الخاصة بكل سؤال اعتمادا على مضامين جدول التخصيص.
- وضع تعليمات إجرائية للإنجاز يفهمها جميع التلاميذ ودون أي تأويل محتمل.
- التعرف، بعد عملية التصحيح، على نسبة التلاميذ الحاصلين على معدل عشرة فأكثر والقيام بمقارنات على صعيد المؤسسة التعليمية
5. دور المفتش التربوي: يعتبر التقييم التربوي مكونا أساسيا من مكونات المنهاج الدراسي والعملية التربوية والتكوينية برمتها، كما يعتبر إحدى المهام الأساسية الموكولة إلى المفتش التربوي. وحتى تفي هذه العملية بالأغراض المنتظرة منها، فإنه يجب إيلاؤها اهتماما كبيرا من طرف المفتشين التربويين، للتمكن من أساليب وتقنيات وضع الأسئلة الاختبارية، وتأطير المدرسين في هذا المجال، وذلك من حيث الجوانب النظرية والتطبيقية: 1. الجوانب النظرية: - الاطلاع على المذكرات والنصوص المنظمة لمختلف العمليات والإجراءات التي تتطلبها عملية التقييم التربوي.
- ا عتماد الكتب والمراجع المتخصصة في مجال التقييم التربوي، والتمكن من محتوياتها، والتمرن عليها، وطرحها للمناقشة في مختلف الاجتماعات التربوية وتعميق البحث فيها.
2. الجوانب التطبيقية: - تأطير المدرسين، خلال اجتماعات دورية، وتمكينهم من تقنيات التقييم التربوي والعمليات التي يتطلبها.
- مناقشة المدرس منهجية التقييم التربوي أثناء زيارة التفتيش.
خاتمة: إن عملية التقييم التربوي ليست بالعملية الهينة، لذا فإن تضافر جهود الأطر الإدارية والتربوية والمستشار في التوجيه التربوي، يؤدي لا محالة إلى تحقيق الأهداف المنتظرة منها.
منقول