2 ـ تعدد تقنيات التنشيط: ليس هناك وصفة واحدة لتقنيات التنشيط،
فهي عديدة ومتنوعة تتسم كل تقنية بخصائص مختلفة عن الأخرى إلا أن هناك تقنيات
معروفة ومشهورة وجاري العمل بها؛ غير أنه يمكن أن نخلق التقنية التي تناسب جماعة
القسم الذي نشتغل معه خلقا ينضبط إلى المنهجة والعلمنة ويراعي قدرات ومكتسبات
الأطفال، ويمكن إجراؤه عمليا وميدانيا بمعنى إمكانية تطبيقه مع جماعة الفصل ) . من
تقنيات التنشيط: هناك العديد من تقنيات التنشيط، التي يمكن للمربي أن يوظفها في
تنشيط جماعة الأطفال، ونخص فقط كمثال ذكر التقنيتين التاليتين:
تقنية الأدوار: تعتمد تمثيل المشكلات الاجتماعية
تلقائيا، وتركز على تمثيل الأطفال دورهم وكيفية هذا التمثيل، دون أجل أن يجدوا لها
حلولا. ويمكن للمربية أو المربي أن يثير مع الأطفال مشكلة اجتماعية في مستواهم
العقلي والنفسي والاجتماعي، كأن يثير معهم مشكل رمي الأزبال في الشارع، ويطلب منهم
تمثيل أدوار رمي الأزبال ونظافة الأزقة من المنظف العمومي...
تقنية الحكاية: تقنية في إسماع الأطفال حكايات
مشوقة وجذابة، تستهدف تحبيب القصص إليهم، وتساعدهم على التقاط معجم عربي فصيح.
ويشترط أن تكون الحكاية قصيرة ومفهومة ومشوقة ومناسبة لسن الطفل ومعطياته
المختلفة، وتتم على شكل حلقة. هذه ملامسة مركزة تحفز المربي/المربية على توسيع
معرفته في هذا المبحث من التكوين المستمر الذي نظمته الوزارة لفائدة مربي ومربيات
التعليم الأولي المندمج.
إعداد: عبد العزيز قريش
الطرائق البيداغوجية تتمة
4-تصنيف الطرائق البيداغوجية
يشير
reuchlinالي عدم وجود
نظرية عامة تساعد على تقديم تصنيف وحيد وواضح
لمجموع الطرق و التقنيات التربوية و
التعليمية ، و يقترح اللسس التالية :
.طرائق
حديثة مقابل طرائق تقليدية .
الأسس
السيكولوجية و الفلسفية المعتمدة مثلا كطريقة
ديكولي /decroly تعتمد أساسا على نظرية
الجشطالت
في اللدراك ،طريقة مونتيسوري
/montessori
التي ل يمكن فهمها إلا بالرجوع إلى السيكولوجيا
الحسية لكونداك ؛ طرائق سكينر) التعلم اإلجراءي
،التعليم المبرمج( وهي كنتيجة لنظرية التعلم بالمثير والإ
ستجابة؛طرائق Makarenko ( العمل بالمجموعات) وهي نتيجة لمواقفه
الماركسية؛الطرائق الحديثة التي ترتكز على
الإبستيمولوجيا
التكوينية(Piaget، Wallon
)؛الطرائق التقليدية التي تعتمد على الإلقاء...
حسب موقف المربي: الطرائق الإ لقائيةأو
الخطا بية ،الطريقة اللا توجيهية،وحسب دراسات كل
من Lewinو white وHippit
،نجد طريقة المدرس المتسلط أو المدرس الديمقراطي
أو المدرس الفوضوي(اللا توجيهي).
نوع العمل الذي يقوم به المتعلم:الطرائق
الجماعية،الطرائق الفردانية أو التفريدية،كما
في التعليم المفردن أو في طريقة دالتون.
أ أشكال الإ لقاء،إضافة إلى الوسائل
المستعملة،التي قد تكون كلمة أو جسم ملموس أ و صورة،كما
أن المسؤول
عن الإيصال قد يكون إنسانا أو آلة، كالحاسوب...
نوع العمل الذي يطالب التلميذ
إنجازه:مثلا،الطرائق التقليدية تطالب التلميذ بالتكراروالحفظ الآلي، بينما الطرائق
الحديتة
تدفعه إلى طرح الأسئلة و حل المشكلات و الاكتشاف
و الإ
بداع و الإختراع)Reuchlin.M,1974) )
وبصفة عامة،يمكن تصنيف الطرائق إلى مستووين
أساسيين:هناك، من جهة،الطرائق التقليدية، التي
صنفهاNot ضمن ما أسماه بطرائق
البناء
الخارجي، وهي تعتمد أساسا على تلقين موضوع
المعرفة، ومن جهة أخرى،هناك طرائق
"البناء الذاتي"أو الطرائق الفعالةLes méthode actifs (سلسلة التكوين التربوي،ع4).
ويمكننا أن نتعرف بتدقيق أكثر على أهم خصائص
الطرائق الرائجة في الأدبيات
التربوية، المتمثلة في الطرائق التقليدية
والطرائق الحديثة والطرائق النشيطة أو
الفعالة
،في الآتي: القاسم المشترك بين الطرائق التقليدية
كونها قديمة ومتمحورة
حول تبليغ المعارف وسلطة المدرس . ومبادؤها
الأساسية تقوم على التبسيط
والتحليل والتدرج من
البسيط والجزئي إلى المركب والكلي من خلال تفريغ
المادة وتجزيئها ، وتمتاز بالطابع
الصوري ، حيث تعتمد على التسلسل المنطقي والتصنيف
، الاعتماد على الحفظ في التعلم
وعلى التذكر عند التقويم ، الاعتماد على السلطة
والعقاب ، والمنافسة للحصول على
الجزاء ،التركيز على الحدس أي الاعتماد على أشياء
مجسمة لإثارة الملاحظة والإدراك
الحسي: كما أنها تنطلق من سيكولوجيا الملكات ،
التي قوامها تنمية الملكات العقلية
.
أما
الطرائق الحديثة فتتمحور بصفة عامة حول نشاط
الطفل وتعلمه الذاتي ، ومن أهم
مبادئها : تكييف المدرسة حسب حاجيات الطفل ،
واعتبار نمو الطفل ونضجه وتكييف
التعليم حسب كفاءات وقدرات المتعلم، الانطلاق من
حوافز المتعلم واهتماماته ، تعلم
الطفل عن طريق الملاحظة والتفكير والتجريد والنشاط
الذاتي ، وتعتمد أيضا على تنشئة
الطفل انطلاقا من حياته الاجتماعية .أما الطرائق
النشطة أو الفعالة (وهي بالطبع
جزء من الطرائق الحديثة)فهي تتمحور حول نشاط
المتعلم والفعل الذي يتعلم من خلاله
المعارف ويكتشفها ، حيث يصبح مشاركا بنفسه في
بناء المعارف مستعملا مبادرته
الإبداعية، بدلا من تلقي المعارف (من الخرج
جاهزة) حيث تعتمد على المبادرة الشخصية
والإبداعية والاكتشاف... فالنشيط يعتبر جماعة
القسم جماعة منتجة ومتعاونة ، غير أن
هذا الإنتاج هو إنتاج شخصي وفردي والمعايير التي
تستند إليها هذه الطرق هي :
النشاط والحرية، وحق المبادرة والتربية الذاتية
التي تعتمد على النشاط والقرار
الشخصي والاستقلالية . ومن مؤسسي الطرق الفعالة
نجد كل
منPestalogie
و Dewy و Decroly و Ferrière
...
وهي بصفة عامة تقوم على المبادئ التالية : تسعى
إلى تكوين أطر متعودة على اقتراح
أشكال جديدة من العمل وميالة إلى التجديد، وتجعل
التلميذ صانعا لمعرفته من خلال
مشاركته ، وتجعل القسم كمجتمع صغير قادر على
تسيير نفسه بنفسه وفق قوانينه
ومعاييره الخاصة والعيش بشكل تعاوني ، وتدفع إلى
تعلم التعليم ، وذلك بجعل التلميذ
يستشعر إلى معرفة العالم الذي يحيط به (معجم علوم
التربية،2001). إن كل طريقة تربوية تؤطرها
مرجعيات
إيديولوجية معينة، لنرى ما هي الخلفيات
الإيديولوجية والفكرية للطرائق .
5-
الخلفيات والمرجعيات الفكرية والأيديولوجية
للطرائق :
إنه
لايمكن فهم أية طريقة إلا إذا ثم الرجوع إلى
خلفياتها
وأسسها الفلسفية و السوسيو- ثقافية بالإضافة إلى
تمثلاتها السيكولوجية للطفل وللخصوصيات النمائية
.
لنبدأ
أولا من الخلفيات الفكرية والأيدلوجية للطرق
التقليدية : اعتمد ت هذه الطرق على
بعض الأسس الفلسفية التي تجد مرجعيتها في الفلسفة
الحسية Ph.Sensualiste التي التصقت بالفيلسوف
والمربي
الإنجليزي John loke في
نهاية ق 18 م
، الذي كان يعتبر العقل صفحة بيضاء وأن الإحساس
هو المدخل الأساسي لتأسيس كل مفهوم
ومعرفة، وبالتالي فالأفكار والمعرفة ، حسب هذا
التيار ،لايمكن
أن تتأسس إلا عن طريق الإدراكا ت Perceptions الناتجة عن عمل مختلف الحواس ؛
وموقف هذا التيار هو موقف فلسفي خبري تجريبي empirique ، حيث يعتبر المعرفة
مستقلة عن الذات، والوسط الخارجي هو المصدر
الحاسم في تكوين المعرفة. ومن أهم
ممثلي هذه الفلسفة التربوية الخبرية في القرن 19
في أوربا Codillac في فرنسا ، Herbart في ألمانيا الذي أثرت أفكاره في بعض
رواد التربية الحديثة مثل Maria Montesseri .كما نجد الترابطية من بين المرجعيات
الفكرية التي تأثرت بها الطرق التقليدية ، حيث إن
أهم شئ فيها هو الترابط الموجود بين الأفكار (أرسطو) ، إذ أن
عملية الترابط تتم بواسطة التشابه والتقابل
والتجاور الزمني والمكاني. ومن بين
الخلفيات السوسيو – ثقافية للطرائق التقليدية ،
نجد بأن
هذه الطرائق هي انعكاس لموقف اجتماعي وسياسي
محافظ ، يعمل على إعادة إنتاج
مجتمع بشكل سكوني وأحادي ، بحيث لا ينتج سوى نسخ
مكررة من الأفراد والنماذج
الاجتماعية والثقافية والقيمية التقليدية والمحافظة
.
ومن
بين الأفكار النقدية التي وجهت لهذه الطرق
التقليدية ، نجد مثلا Clausse
الذي يقول بأنها تعتمد على بيداغوجيا سلبية
ودوغمائية ، حيث إنها تعتمد على تنظيم وتوجيه قبليين حسب
أهداف وغايات قبلية ، متأثرة بنظرية نيوتن
السائدة في القرن 19 ، التي كانت تتصور
الكون تصورا ميكانيكيا محددا من خلال القوانين
الثابتة للطبيعة ، وحيث عناصره
وظواهره ترتبط فيما بينها سببيا ... كما نجد بأن Palmade ينتقد
الأساس الترابطي لهذه الطرائق التي تختزل النشاط
الفكري في عمليات التركيب بين الذرات النفسية الساكنة (الإحساس والصور ) .كما أن
هذه
الطرائق التقليدية تتبنى تمثلاث سلبية حول نمو
الطفل
وخصائصه ، حيث تعتبر الطفل " رجلا
صغيرا" باستطاعته فهم الأشياء من منطق
الراشد ، كما أن فهم مواد البرامج يتم عن طريق
عملية التذكر والإكراه (حيث إن
الطفل شرير بطبيعته)، والذكاء حسب هذه الطرائق إما
أنه عبارة عن ملكة faculté
معطاة دفعة واحدة ،
أو أنه عبارة عن نظام من الترابطات تكتسب بشكل
ميكانيكي
عن طريق ضغط عناصر الوسط الخارجي . وبهذا الصدد
يعتبر Palmade بأن مبدأ التذكر ومبدأ
الشكلية يرتبطان بالسيكولوجيا الذرية والترابطية ، وبأن سيكولوجيا الملكات
يمكن ربطها بفكرة أن التدريس ما هو إلا نوع من
التدريب ، حيث الطفل يمتلك ملكات
طبيعية تتيح له اكتساب المعارف والقدرات التي
يتوفر عليها الراشد حسب هذه الطرق
التقليدية .
أما
بالنسبة للطرائق البيداغوجية الحديثة والفعالة ،
فإنها
اعتمدت على بعض الأسس الفلسفية التي تعود إلى
نهاية القرن 18 م
مع التوجه الانساني لجان جاك روسو (1712-1778) ،حيث يعتبر مؤلفه Emile
(1762) من أعمق
مؤلفاته التربوية التي أحدثت ثورة كوبيرنيكية في
التربية والبيداغوجيا وسكولوجية
الطفل ، وذلك أنه جعل الطفل مركز كل الاهتمامات
التربوية ، إذ دعا إلى احترام
طبيعة الطفل، واعتمادها المرجع الأساس لكل تربية
أو بيداغوجيا
، وإلى احترام إيقاع النمو الطبيعي لنشاطات الطفل
ولقدراته واهتماماته
...وآراء روسو هي عبارة عن تأملات نظرية وفلسفية
في الطبيعة الإنسانية
والمجتمع
وقد استلهمت أفكار روسو عدة مفكرين من بينهم الفيلسوف
الألماني كانط الذي
قال بأن أحسن أسلوب للفهم هو أن نقوم بفعل شئ ما
، فكل شئ نتعلمه وبشكل
جيد ،
هو ما نتعلمه تقريبا بأنفسنا . وكذلك المربي
السويسري Pestalozzi الذي يعد من الأوائل الذي
حاول تطبيق
آراء روسو.
أما
الأسس العلمية والسيكولوجية التي اعتمدتها الطرق
الحديثة والفعالة فهي تعتبر نتيجة
للتغيرات الجذرية التي عرفتها نهاية القرن التاسع
عشر بخصوص المواقف والتصورات
العلمية الجديدة ، لامن حيث المنهج والنظريات ،
بما فيه
ذلك تطورات البحث العلمي والتطورات في المجالات
التقنية والصناعية التي انعكست على
الميادين السياسية والتربوية... بحيث لم يعد ينظر
إلى المجتمع والثقافة على أنهما
أشياء
ثابتة عبر الزمان والمكان، وإنما أصبح ينظر
إليهما باعتبارهما بنيات
دينامية خاضعة لمبدأ التطور والتجديد (فورادغار
1974) ومن الخلفيات
البيداغوجية
*من
كتاب"المفيد في التربية"/محمد الصدوقي