يظن كثير من معلمي اللغة العربية وغيرهم من المعلمين أن مفهوم القراءة ينحصر في العملية الآلية التي تتضمن النظر إلى الحروف والكلمات ونطقها ، في حين أن مفهوم القراءة شهد تطوراً مذهلاً في ظل الجهود التي يبذلها التربويون وعلماء النفس ، وعلماء اللغة .. فقد شمل الاهتمام بعمليات القراءة ما يجري داخل المتعلم أو القارئ من عمليات داخلية تحدث في الدماغ أثناء القراءة .. وفي ضوء هذا التطور أصبحت القراءة : عملية عقلية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه .. وتتطلب هذه العملية فهم المعاني والربط بين الخبرة الشخصية وهذه المعاني وهي تتطلب عمليات نفسية وعقلية على درجة عالية من التعقيد .
إضافة إلى أنها عملية ذهنية تأملية تستند إلى عمليات عقلية عليا ونشاط يحتوي على أنماط التفكير والتقويم والتحليل والتعليل وحل المشكلات وليس مجرد نشاط بصري ينتهي بتعرف الرموز المطبوعة فقط .. ومن هنا فإن القراءة عملية بنائية نشطة يقوم فيها القارئ بدور معالج إيجابي نشط للمعرفة وليس مجرد مستقبل سلبي وتتضمن عمليات عقلية ومستويات تفكير عليا .
إن التطور المذهل في مفهوم القراءة يرجع إلى ظهور المدرسة المعرفية التي أضافت تعريفات حديثة للقراءة بوصفها عملاً ذهنياً يقوم على خلع المعنى على المقروء والقدرة على إثارة الأسئلة حول المقروء ، كما تطور تعريف الفهم والمقصود منه وصار ينظر إلى القراءة على أنها عملية إعادة بناء المقروء وكان من اهتمامات المدرسة المعرفية أنها عنيت بالعمليات الذهنية ودورها في القراءة كالذاكرة والتصورات الذهنية والمخططات فضلاً عن مراحل عملية القراءة التي تعتمد على إعمال الذهن .
ومن هنا فإن التطور الحديث لعملية القراءة يفرض على الواقع التعليمي الأخذ بأساليب وإجراءات تعليم القراءة الحديثة و يحتم تدريب معلمي اللغة العربية على آلية تعليم القراءة وفق التصور المعرفي الحديث الذي أضفى إلى تعليم القراءة مزيداً من الأهمية والعمق ، ويعني ذلك إعادة النظر في كتب القراءة التي تقدم لأبنائنا الطلاب بحيث تبنى بناء يساعد على تعليم مهارات القراءة والتدرب على آلياتها وإستراتيجياتها حتى نكون أفرادا قادرين على قراءة السطور وما بين السطور وما وراء السطور .
ـ مفهوم القراءة :
عملية فكرية عقلية يتفاعل معها القارىء فيفهم ما يقرأ وينقده ويستخدمه في حل ما يواجهه من مشكلات والانتفاع بها في المواقف المختلفة ، ومن هنا يمكن تحديد خمسة
ـ أبعاد للمفهوم الحديث للقراءة وهي :
1. معـرفة الحروف والكلمات والجمل والعبارات والنطق بها .
2. فهم المادة المقروءة .
3. نقد المادة المقروءة .
4. استخدام القراءة في حل المشكلات .
5. الاستمتاع بالمادة المقروءة ، وحسن تذوقها .
* ـ أهمية القراءة :
تعتبر من أهم وسائل كسب المعرفة ، فهي تمكن الإنسان من الاتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في حاضرها و ماضيها ، وستظل دائماً أهم وسيلة لاتصال الإنسان بعقول الآخرين وأفكارهم ، بالإضافة إلى أثرها البالغ في تكوين الشخصية الإنسانية بأبعادها المختلفة ، وهناك فرق واضح بين إنسان قارىْ ، اكتسب الكثير من قراءاته وإنسان أخر لا يميل إلى القراءة ولا يلجأ إليها ، مع أن المطالعة تحتوي على أمور ثلاثة مهمة : الملاحظة – الاستكشاف – البحث الذاتي عن المعرفة .. ومن هنا تأتي شمولية القراءة والاطلاع .
وتعتبر المطالعة الركيزة الأولى لعملية التثقيف ، وهي مكملة لدور المدرسة ووسيلة من أهم وسائل التعلم ، ومما لاشك فيه ازدياد الحاجة إلى تعليم مهارات القراءة اللازمة وهذا نتيجة النمو الهائل في المعرفة البشرية .
وأن الدور المنوط على المدرسة من إعداد رجل المستقبل في جميع الجوانب والتي من أهمها إكساب الطلاب مهارات الحصول على المعلومات المختلفة ، بجانب الكتاب المقرر ، ويجب أن لانغفل تعدد وسائط المعلومات في عصرنا الحاضر بقنياتها المختلفة مع إحتفاظ الكتاب بخصائصه المتفردة من بين تلك الوسائط .
* ـ وقد أحسن الجاحظ حين وصف الكتاب فقال :
(( نعم الجليس والعمدة ، ونعم النشرة والترفيه ، ونعم المشتغل والحرفة ، ونعم الأنيس ساعة الوحدة ، ونعم المعرفة ببلاد الغربة ، ونعم القرين الدخيل ، ونعم الوزير والنزيل ، والكتاب وعاء ملىء علماً وظُرف حشي ظُرفاً وإناء شحن مزاحاً وجداً ....... )) .
* ـ المهارات القرائية :
وهي السرعة في القراءة مع فهم المادة المقروءة فهماً كاملاً والقدرة على التعبير ، ومن المسلم به أن الإنسان لا يقرأ بعينه فحسب بل أنه يستخدم أكثر من حاسة في عملية القراءة ، حيث يستخدم كل ما لديه من قوى ذهنية لتحويل رموز الكتابة إلى معان يفهمها العقل ، ولذلك يسير الذهن بسرعة أكثر من سرعة العين خلال القراءة ، ومن هنا يجب أن تكون القراءة واعية وذلك باقتران السرعة في القراءة بفهم المادة المقروءة مثل فهم معاني الكلمات والربط بين الجمل والقراءات السابقة .
* ـ أهداف القراءة :
1. خلق مجتمع مثقف وقارىء .
2. تنمية القدرات الفكرية واللغوية والتعبيرية لدى القراء .
3. استخدام القراءة في التعرف على صور الأدب المختلفة وتذوقها واستشعار الجمال فيها .
4. توسيع المدارك العقلية بسبب المعلومات المكتسبة من خلال القراءة والاطلاع .
5. تهذيب السلوك واستغلال الوقت بما يعود على الإنسان بالنفع والفائدة .
6. الارتقاء باسلوب الفرد واظهار القدرات والمواهب .
7. إثراء خبرات الناشئة وتنمية قدراتهم الاجتماعية والخلقية والفكرية بالتعرف على أفكار الآخرين ومواقف الحياة عن طريق القراءة .
8. استخدام القراءة في تكوين اهتمامات وميول جدية وحل المشكلات الشخصية .
* ـ أشكال القراءة :
• القراءة الجهرية :
وهي تلك القراءة التي تتم بصوت عالً يسمعه الآخرين ، وتتطلب جهد ، إذ لابد للقارىء من أن يستخدم عينيه ولسانه وشفتيه ومن فوائدها تعويد الناشئة النطق والإلقاء الجيدين ، ويكون مفيدأ أكثر عند الصفوف الاولية .
• القراءة الصامته :
وهي اريح للنفس وفيها إقتصاد للوقت واسرع من القراءة الجهرية بمايعادل مرة ونصف أومرتين وهي تساعد على الفهم السريع ، والمكتبة المدرسية المكان المناسب القادر على تزويد الطلاب بالكتب المشوقة الجدابة التي تختلف عن المقررات المدرسية المفروضة عليهم ، كما أنها تنبع من احساس وحاجة إلى القراءة وذلك عكس القراءة الجهرية التي تكون بتأثير خارجي .
ولهذا وجب أن تتوفر المادة المناسبة لكل دافع ، ومن خلال هذين الشكلين يمكن للمعلم أن يكلف طلابه نتلخيص ماقرؤوه أو مناقشتهم مناقشة جماعية منظمة حول ذلك .
* ـ أساليب القراءة :
• القراءة الفردية :
ويقوم بها الفرد في عزلة ودون ضجيج ودون تدخل .
• القراءة الجماعية :
ويقوم بها فرد مع مجموعة .
* ـ أنواع القراءة :
1. القراءة التعليمية :
وهي القراءة المرتبطة بالمواد الدراسية ومن أهم أهدافها خدمة المقررات الدراسية وكذلك إنشاء جيل واع ومثقف يجعل من القراءة غذاءه اليومي ، جيل قادر على البحث والاطلاع وربط مايقرأ بمقرراته وماتعلمه في الفصل .
2. القراءة التكوينية التثقيفية :
تمُكن هذا النوع من تكوين القارىء ذهنياً واجتماعياً وأدبياً دون التقيد بمقررات الدراسة ، وهي تُمكن القارىء من استيعاب مايقرأه ، وتسهم في تكوين شخصية الفرد وتساعده على إثراء فكره ووجدانه وقدراته الذهنية وتساعده على بناء قاعدة معلومات عريضة .
3. القراءة للترفيه :
وهي مرتبطة بالقراءة السابقة ومكملة لها وتساعد على قضاء وقت الفراغ فيما يعود بالنفع وهذا النوع كسابقه يُمكن الفرد من اكتساب ثقافته وتكوين عادة حسنة ، ولا يرتبط النوع بموضوعات محددة ويغلب عليها توجه القارىء .