تقويم الكفاءات.
المدخل عن طريق الكفاءات، استراتيجية بيداغوجية ، تهدف تنمية ملمح
التّلميذ ومواصفاته، من خلال مرامي المنهاج.، في طور من أطوار التّعليم أو مرحلة
من مراحله.
من مميّزات هذه الاستراتيجية، وضع المتعلّم في مواقف، تستهدف نشاطه
للملاحظة والتّحليل والتّفسير والتّمرين والحوصلة وحلّ الاشكاليات العلمية، لغرض
التّوصّل إلى اكتساب الكفاءات والمواصفات المرغوب فيها.
تقتضي منهاجية التّدريس بواسطة الكفاءات مقاربة خاصّة لكلّ عنصر من عناصر
العملية التّربويّة، المعلّم، المتعلّم والمعرفة، كما تستلزم أساليب تقويميّة
ملائمة وهذه المنهجية.
ما من شك
في ، أنّ المحور المركزي في عملية لتكوين
هو الكفاءة، التّي تمثل في نفس الوقت موضوعا رئيسيا في التّقويم.
ومن خصوصيات الكفاءة، أنّها عملية معقّدة، نتاج نمو متواصل، وهي تستدعي
تبعا لذلك ممارسات تقويميّة مميّزة، وفق مراحل وإجراءات خاصّة. هذا ما تهدف إليه
هذه المداخلة ( المنقولة ) التّي نستعرض من خلالها بعض خصوصيات تقويم الكفاءة في
مجال التّدريس.
1 – طبيعة
الأهداف البيداغوجية في المقاربة بالكفاءات:
هناك تلازم بين
عمليتي التّعليم والتّقويم، فلا يمكن التّخطيط لأيّ نشاط تقويميّ، ما لم تحدد في
وضوح تام أهداف التّعليم واستراتيجياته، فمن شروط التّقويم، مدى ملائمة هذه الأهداف.ويعتبر
مقياس الملائمة أحد محاكاته في التّدريس بواسطة الكفاءات، تُحِيلنا عملية التّقويم
إلى أهداف ومرامي التّعليم إي إلى تكوين الكفاءات. فما طبيعة هذه الأهداف، وما
وظيفتها وما علاقتها بالتّقويم؟
يميّز الباحثون في مجال بيداغوجيا الأهداف بين ثلاثة أنواع من الأهداف،
يتم تحقيقها تماشيا بمخرجات التّعليم :
( هاملين – دينو – دي لندشير ).
وتبعا لنفس السّبورة التّعليميّة، هناك أهداف ينبغي التّميّز بينها، عند
مقاربة التّدريس بالكفاءات، يمكن ايجازها ، لأغراض عملية، في سياق العمل التربوي
كالتّالي:
- أهداف مرتبطة بوضعية الانطلاق .
- أهداف مرحلية تتخلّل العملية التّعليمية - التعلمية يمثلها في التّدريس بالكفاءة نوعان
من الأهداف :
- الأهداف النّهائية : ويُقابلها في التّدريس بواسطة الكفاءة الأهداف
الختامية المدمجة . والجدير بالذكر ، أنّ هذه الأهداف ، لاتنحصر وظيفتها في توجيه خطوات العملية التعّليمية
– التّعلميّة ، وتيسير تدرج الخبرات في الوحدات التّعليمية فحسب ، إنّما تُعدّ
مرجعا ، يتم في ضوئه التّقويم .
فتبعا لهذه الأهداف ، يتّخذ التّقويم أحيانا منحى ، تشخيصيا ، عندما
يتعلّق الهدف بالاستقصاء حول وضعية الانطلاق في التّدريس، ويتّخذ منحى تكوينيا ،
حين يتّصل بالأهداف المميّزة والأهداف المدمجة خلال سيرورة التّعلّم والتّعليم .
كما يكتسي التّقويم صورة الجرد عندما يتعلّق بحوصلة مكتسبات المتعلّم في
ختام سيرورة التّكوين .
ويُستَخْلَصُ ممّا سبق ، أنّ وظائف التّقويم ، وثيقة الصّلة بالهدف
التّربويّ. وفيما يلي توضّيح للديناميّة القائمة بين عمليتي تقويم – تعليم .
1-1 – الأهداف المرتبطة بوضعيّة الانطلاق وعلاقتها بالتّقويم .
ترمي هذه الأهداف إلى سير مكتسبات المتعلّم السّابقة والوقوف عند
المتطلبات القبلية . والمتطلّب القبلي ، حسب ( دي لند شير جالبرت ) يقصد بهم اهو
مشترط وضروريّ لتحقيق غرض معيّن كحلّ مشكلة أو الشّروع في تعلّم جديد .(1979 ) .
تستدعي وضعية الانطلاق إذًا تقويما تشخيصيا . وتكتسي عملية التّشخيص هذه
ميزة خاصّة إذ تدخل في سياق بناء وهيكلة الكفاءة .
في مقاربة التّدريس بالكفاءات ، التّشخيص ليس عملية معزولة أو منفصلة عن
المسار التّعليمي . إنّها خطوة مدعّمة ومكمّلة لهذا المسار بل وتعدّ أساسية فيه .
وفي هذا الصّدد يرى ( دي لورم ) أنّ التشخيص لايقع على جزء من كلّ ، إنّما
يأخذ بعين الاعتبارالنسق المنظّم لوضعية ما .فالتّشخيص
يمكن بواسطته ، وفي فترة وجيزة ، تصور حالة ما أو كفاءة ما بكل تعقيداتها
. وبهذا المعنى ينسجم التّشخيص والمقاربة النّسقية التّي نؤمن بها ، هذه المقاربة
التّي نادرا ماتؤدي إلى التّجربة التّشكيلية التّي طالما ميّزت التّقويم .
أنّ التّشخيص في نظر ( دي لورم ) يندرج في سياق العمل التّعليمي ولاينفصل
عنه .( ف- حناش 1998 ). وفي نفس الاتّجاه ، يضيف (
دي كورت ) أنّه على الرّغم من أنّ الغرض من تكوين الكفاءة غرض عمليّ ، فإنّ
العمليات المعرفية كالمعرفة والفهم والتّحليل والتّطبيق والتّركيب والتّقويم
وغيرها من العمليات تعدّ أساسية في عملية التّعلّم ، عليها يتوقّف ظهور كفاءة .مما
يستوجب من المكون تقويمها للتأكّد من المستوى القاعدي الّذي ينطلق منه المتعلّم .
( ديكورت 1996 ) .
1- 2 – الأهداف المرحليّة وعلاقتها بالتّقويم .
من المعروف أنّ الكفاءة لايمكن تحقيقها في فترة قصيرة ، وإنّما هي نتيجة
مسار تعليميّ معقّد ونمو متواصل في مختلف مظاهره . لذا يقتضي التّقويم في التّدريس
بالكفاءات التأكد المستمّر من مستوى تحقيق الأهداف المميّزة المدمجة المُصاغة على
مستوى الكفاءة القاعدية .
لذلك ، تماشيا وسيرورة التّكوين يساهم التّقويم في
بناء الكفاءة وتُتّخذ أثناءهذه السّيرورة كلّ الإجراءات لتصويب العملية التّربويّة
. وتكتسي بذلك تكوينا تعليميا .