المطلب الثالث : خصائص الضبط الإداري
يتمتع الضبط الإداري بحماة خصائص تميزه عن غيره من النشاطات الإدارة يمكن حصر هذه الخصائص فيما يلي
*الصفة الوقائية : يتميز الضبط الإداري بالطابع الوقائي فهو يدرأ المخاطر على الأفراد فعندما تبادر الإدارة إلى سحب رخصة الصيد أو رخصة السياق من أحد الأفراد فلأنها قدرت أن هناك خطر يترتب على استمرار احتفاظ المعني بهذه الرخصة , و الإدارة حينما تغلق محلا أو تعاين بئرا معينا أو بضاعة معينة فإنها تقد بهذه بعملها الإجرائي هذا وقاية الأفراد من كل خطر قد يداهمهم أيا كان مصدره (1).
*الصفة التقديرية : ويقصد بها أن للإدارة سلطة تقديرية في ممارسة الإجراءات الضبطية فعندما تقدر أن عملا ما سينتج عنه خطر تعين عليها التدخل قبل وقوعه بغرض المحافظة على النظام العام (2).
*صفة التعبير عن السيادة : إن فكرة البوليس الإداري تعتبر مظهر من مظاهر السلطة العمومية و السيادة في مجال الوظيفة الإدارية في الدولة حيث تجسد فكرة السيادة و السلطة العامة في مجموعة الامتيازات الاستثنائية التي تمارسها سلطات الضبط الإداري بهدف المحا فضة على النظام العمومي في الدولة وتحد وتقيد الحريات و القيود الفردية (3).
*الصفة الانفرادية : أن الضبط الإداري في جميع الحالات يا خد شكل الإجراء الانفرادي أي شكل أوامر تصدر من السلطة الإدارية أي القرارات الإدارية سواء كانت هذه القرارات فردية أو تنضمية وبالتالي فلا تلعب إرادة الفرد دورا حتى تنتج أعمال الضبط الإداري آثارها القانونية فموقف المواطن إذن اتجاه أعمال الضبط الإداري هو الامتثال للإجراءات التي اتخذتها الإدارة في هذا الإطار و هذا وفقا لما يحدده القانون وتحت رقابة السلطة القضائية(4).
المطلب الرابع : هيئات الضبط الإداري
لعله تبين لنا أن الضبط الإداري إجراء وان كان القصد منه المحافظة على النظام العام إلا انه يحمل خطورة معينة بالنظر لصلته بالحريات العامة وتأثيرها عليها لذا وجب تحديد هيئاته
*رئيس الجمهورية : اعترفت مختلف الدساتير لرئيس الجمهورية بممارسته مهام الضبط , فقد خول له الدستور اتخاذ جملة من الإجراءات كإعلان حالة الطواري والحصار وإقرار الحالة الاستثنائية ...الخ
*رئيس الحكومة : لم تشر الأحكام الدستورية صراحة إلى سلطات رئيس الحكومة في مجال الضبط لكن يمكن إقرارها على أساس الوظيفة التنظيمية التي يمارسها رئيس الحكومة لأن السلطة التنظيمية في ظل دستور سنة 1989 وكذلك في ظل دستور سنة 1996 .
*الوزراء : الأصل ليس للوزراء حق ممارسة الضبط الإداري العام لأنها صلاحية معقودة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة , غير أن القانون قد يجيز لبعض الوزراء ممارسة بعض أنواع الضبط الخاص , فوزير الداخلية مثلا هو اكثر الوزراء احتكاكا وممارسة لإجراءات الضبط على المستوى الوطني سواء في الحالة العادية أو الاستثنائية .
*رئيس المجلس الشعبي البلدي : طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا لدولة جملة من الصلاحيات ذات العلاقة بالتنظيم العام .
*الوالي : نصت المادة 96 من قانون الولاية على أن ’الوالي مسؤول عن المحافظة على النظام و الآمن و السلامة و السكينة العامة’ بغرض مساعدته على القيام بمهامه في مجال الضبط , وضع القانون مصالح الأمن تحت تصرفه وهذا ما نصت عليه المادة 97 من القانون الولاية .
المبحث الثاني : أغراض الضبط الإداري ووسائله و حدوده .
المطلب الأول : أغراض الضبط الإداري
يمكن تصنيف أهداف الضبط الإداري إلى أهداف تقليدية وأهداف حديثة
حيث تنحصر الأهداف لدى الفقه التقليدي في إقرار النظام العمومي في الدولة وصيانة و إعادته إلى الحالة الطبيعية أو اختل , لكن الفقه الحديث قد أوجد أهدافا جديدة لا يزال البحث فيها غير متطور ويتجلى بصورة خاصة في كل من النظام الاقتصادي و النظام الجمالي أو الرونقي للمدينة فاصبحث هذه الأهداف الحديثة إلى جانب الأهداف التقليدية محالا لتدخل سلطة البط الإداري (1) .
*الأهداف التقليدية :
1)-السكينة : يقصد بها على السلطات المختصة في الضبط الإداري المحافظة على حالة الهدوء و السكون في الطرق و الأماكن العمومية في أوقات النهار و الليل وذلك باتخاذ كل الإجراءات اللازمة حتى لا يتعرض المواطنين لمضيقات الغير بهذه الأماكن و إزعاجهم في أوقات الراحة بالضوضاء التي تسببها الأصوات المقلقة مثل مكبرات الصوت , الأجراس , وضوضاء الاحتفالات ...الخ
2)-الآمن العام : يقصد بالآمن العام استتباب الآمن و النظام في المدن والقرى والأحياء بما يحقق الاطمئنان لدى الجمهور على أنفسهم وأولادهم وأغراضهم وأموالهم من كل خطر قد يكون عرضة له , من أخطار الكوارث العامة والطبيعية كالحرائق و الفيضانات و الزلازل وغيرها , لدى تعين على السلطة العامة توفير كافة الإمكانية واتخاذ كل الإجراءات لضمان الآمن العام للأفراد في الضر وف العادية والاستثنائية .
3)-الصحة العمومية : ويتمثل موضوعها في النظافة العمومية أو في صيانة الصحة العمومية بالمعنى الواسع للعبارة و يتحدد مجالها بالسهر على نظافة الأماكن و الشوارع العمومية وميادين العمل ومراقبة نظافة المياه الصالحة لسرب ونظافة المأكولات المعروضة للبيع كما يتحدد مجالها في نظافة النباتات القديمة و الجديدة ونظافة المؤسسات الصناعية و التجارية ومحاربة الأمراض المعدية وتحسين الضر وف الصحية و العلاجية للمواطنين من سائل للتطعيم والأدوية...الخ
وكذلك إجراءات لتحقق من سلامة صحة الأشخاص الوافدين من الخارج و السلع المستوردة .
*الأهداف الحديث
كما سبق القول فقد ارتبط مفهوم النظام العمومي بمفهوم الدولة السائد في مكان ما وزمان ما فالدولة القديمة أي الدولة الحارسة كانت قائمة على معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية خاصة تحتاج إلى نظام عمومي خاص يخدم مصالحها ويحقق أهدافها ولما تطورت الدولة الحديثة أصبحت تدخلية ’ فقد تطور معها مفهوم النظام العمومي واصبح مضمونها لا يعطي فقط السكينة والآمن العمومي والسلامة العمومية والصحة العامة , بل توسع ليشمل مجالات أخرى مثل النظام العمومي الاقتصادي والاجتماعي وكذلك النظام العمومي الجمالي أو الرونقي للمدينة (1).
المطلب الثاني : وسائل وأساليب الضبط الإداري
تمارس هيئات الضبط الإداري اختصاصها في إقامة النظام العام ووقاية من أي تهديد , وذلك عن طريق ما تملكه من وسائل و سلطات تخولها اتخاذ تدابير ضبطية و تتمثل في القرارات التنظيمية و القرارات الفردية والتنفيذ الجبري ( اللجوء إلى القوة المادية ) إذا توفرت شروط إعمالها
*الوسائل المادية : ويقصد بها الإمكانية المادية المتاحة للإدارة بغرض ممارسة مهام الضبط كالسيارات والشاحنة وعلى العموم كل آلة أو عتاد تمكن الإدارة من ممارسة مهامها .
*الوسائل البشرية : وتتمثل في أعوان الضبط الإداري المكلفين بتنفيذ القوانين والتنظيمات كرحال الدرك والشرطة العامة والشرطة البلدية .
*الوسائل القانونية : لا تتم ممارسة إجراءات الضبط من جانب الإدارة إلا وفقا لما حدده القانون وبالكيفية التي رسمها وبالضمانات التي كفلها , فرئس الجمهورية عندما يمارس بعض الإجراءات الضبطية إنما يستند في ممارسة لهده الصلاحية على الدستور , وكذلك يباشر الوالي إجراءات الضبط من منطق القانون الولاية .
مهما تعددت هيئات الضبط إلا أن الوسائل القانونية يمكن حصرها فيما يلي :
1) إصدار القرارات أو لوائح الضبط : وهي عبارة عن قرارات تنظيمية تصدر عن الإدارة في شكل مراسيم أو قرارات يكون موضوعها ممارسة الحريات العامة و ينجم عن مخالفتها جزاءات تحددها النصوص , وتتخذ القرارات بدورها أشكالا كثيرة منها الحظر أو المنع والترخيص...الخ
2) استخدام القوة : الأصل هو امتثال الأفراد لقرارات الإدارة وخضوعهم إليها , غير انه وفي حالات معينة يجوز استعمال القوة لمنع نشاط معين لم يخضع منظموه للقوانين و التنظيمات كما لو أراد الأفراد إقامة مسيرة معينة ولم يقدموا طلبا للإدارة بذلك أو كان طلبهم قد رفض , وتعتمد الإدارة في اللجوء إلى للقوة على إمكانيتها المادية والبشرية لصد كل نشاط يؤدي إلى المساس بالنظام العام .